حوارية في جمعية الثقافة العربية تطرح أسئلة حول راهن المشهد الثقافي في الداخل الفلسطيني

 

حوارية نهاية العام في جمعية الثقافة العربية تطرح أسئلة

حول راهن المشهد الثقافي في الداخل الفلسطيني

 

حيفا- عقدَت جمعية الثّقافة العربيّة حواريتها الأخيرة لعام 2022، والتي حملت عنوان: "الحدث الثقافي"، وذلك مساء يوم الأربعاء، 28.12.2022، في مبنى مكتب الجمعية الواقع في حيفا، شارع المُخلّص 14. جاءت هذه الندوة كحدثٍ احتفائيّ بنهاية العامِ الحاليّ واختتامًا لسلسلة حوارياتٍ وفعالياتٍ كانت قد نَظمتها الجمعية خلال العام المُنصرم، بالرغم من التحديات التي تعصف بالحالة الثقافيّة الفلسطينيّة في الوقت الراهن. وقد شارك في الحواريةِ عدد من الخبراءِ والنُقادِ من مجالاتٍ فنيةٍ عديدةٍ، في المقابل حضرَ العشراتُ من الجمهور المُتهم، المُتابع والفعّال في الحقل الثقافي الفلسطيني في البلاد وخارجها.

أدارت الحوارية مُنسقة المشاريع في جمعية الثقافة العربيّة، الإعلامية والناشطة، مريم فرح، التي بدورها استهلت حديثها مُرحبةً بالجمهور، المتحدثين والمتحدثات. وكانت المتحدثة الأولى الصحافية، الناقدة والباحثة في ثقافة السينما، سماح بصول. تكتب بصول في السينما والأدب في عدد من المجلات الثقافيّة منها "فسحة" و"رمان"، كما أنها تعمل كمرشدة سينما علاجية لأولاد في ضائقة، حيث تمركزت في محاور مُختلفة تتعلق بالسينما، أهمها عملية إعادة النظر الى معايير السينما الفلسطينية، تعريفها، وطُرق عمل الحقل السينمائي وعلاقته بالجمهور العام.

بعد ذلك انتقل الحوار الى تطور الفن التشكيلي والأدائي في الداخل الفلسطيني خلال السنوات الماضية، والذي تم التطرق إليه من قبل الفنانة منار زعبي، وهي قيّمة معارض وناشطة في الحقلين الفني والثقافي. وتشغل زعبي دورا في التعليم البديل لطُلاب المدارس والجامعات، وذلك عن طريق عملها في مؤسسة "مسار للتعليم البديل" وموجّهة فنية شخصيّة لطلاب لقب اللقب الثاني للفنون في معاهد أكاديمية مختلفة في البلاد. ووجهت الفنانة نقدًا في مركزة معايير واحدة ووحيدة فقط على أنها المعايير المقبولة في الفن، حيث أشارت إلى أن بحث الفنان المُستمر للحصول على الاعتراف هو أمر مُعيق.

كان أيضًا من بين المتحدثين الموسيقي والفنان، أكرم عبد الفتاح، وهو عازف كمان، ملحن ومنتج موسيقى. شّكل عبد الفتاح مجموعات موسيقيّة عديدة، وحاز في إثرِ أعماله وبفعل مشاركته في مشاريع موسيقيّة عديدة عابر للثقافات، على جوائز مرموقة، منها جائزة مسابقة مارسيل خليفة، ومسابقة فلسطين الوطنيّة. وتطرق العازف خلال حديثه إلى عملية تأثر الفن الفلسطينيّ من التكنولوجيا والعولمة في ظل الظروف الراهنة، وأشار الى أن التغيرات الحاصلة في المشهد الثقافي متأثرة بشكل كبيرة من تغيرات تكنولوجية ساهمت بها العولمة.

أما المتحدث الأخير فكان أنطوان شلحت، الكاتب ورئيس الهيئة الإدارية للجمعيّة. حيث يعمل شلحت كناقد أدبيّ وباحث في الشؤون الإسرائيليّة، أنجز خلال مسيرته مجموعة أبحاث في هذا المجال، كما ترجم عن العبريّة عدّة كتب وينشر في الصحافة الفلسطينيّة والعربيّة، وهو محرر لمنصة "ضفة ثالثة - منبر ثقافي عربي". وأشار الناقد الى أهم العوامل التي أدت الى شبه غياب الحركة النقدية عن المشهد الثقافي العام، وإلى دورها ومكانتها في تطوير الحقل الثقافي في الداخل ولا سيما في الماضي، أكد من خلال حديثه أنَّ تطور الحركة النقديّة يجب أن يترافق أيضًا مع تطور المشهد الثقافيّ.

هذا وهدفت الحوارية إلى إلقاء الضوء على أبرز الإنتاجات الثقافية والفنية في الداخل الفلسطيني خلال العام الذي انقضى، عن طريق تطرّق المتحدثين والمتحدثات إلى أهم أعمال صُناع الثقافة والخطاب الثقافي في الداخل الفلسطيني وأكثرها انتشارًا، والأسباب الاجتماعية الثقافية التي أتاحت لهذه الألوان الفنيّة شق طريقها بين الجمهور بهذه الفترة بالذات. كما أنه تم التطرق الى تأثر المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ بالتغيرات العالمية، سواءً في ظل العولمة، التطور التكنولوجي، الظروف السياسيّة الراهنة أمام المؤسسة الاسرائيليّة والتحولات السياسيّة في العالم العربي. وتمت الإشارة خلال الحوار الى الأنواع التي تعاني من شُح الإنتاجات الفنيّة وأسباب أفول بعض أهم ألوان الأعمال الثقافيّة، المُسببات الداخلية والخارجية التي أدت الى تشكل المشهد على صورته الحالية.

وساد بين المتحدثين والمتحدثات وبين عدد من الحضور الذين شاركوا في النقاش اتفاق على أن الحوارية نجحت في أن تطرح أسئلة بشأن المشهد الثقافي الراهن ولا سيما في الداخل الفلسطينيّ تتعلق بمآلاته الراهنة وعلاقته في ما سبقه من إنتاجات، بالإضافة إلى الاتفاق على أن الالتفات إلى هذه الأسئلة يشكل أحد الطرق والوسائل اللازمة من أجل التقييم وتحفيز النقد الذاتي بمنأى عن أي مشاعر رضى أو خداع وكأنه لا يمكن أن يكون أفضل مما هو موجود.