نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة يوم الإثنين 15/08/2016 ندوة مراجعة نقديّة وحوار حول كتاب " نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلّوا في حيفا والجليل (1948-1956)"،الصادر عن مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، بحضور مؤلّف الكتاب المؤرخ د. عادل مناع، وبمشاركة كل من د. محمود محارب، د. نظمي الجعبة، وجمهور من المهتّمين.
افتتح الندوة الكاتب إياد برغوتي، مدير جمعيّة الثّقافة العربيّة، مرحبًا بالحضور، ومشيرًا إلى أهميّة الكتاب الذي يلاقى اهتمامًا واسعًا لطرحه سرديّة جديدة حول فصول حقبة ذات أهميّة بالغة في تاريخنا وحيثيات بقائنا في وطننا، وما للأمر من مساهمة في إعادة صياغة قراءتنا لتجربتنا التاريخيّة ومسار تشكّلنا.
المراجعة الأولى للكتاب كانت لد. نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ في جامعة بير زيت، الذي شدّد على أهمية هذه الدراسة، واصفاً إيّاها بحجر أساس للرواية التاريخيّة الفلسطينيّة، مستفيدة من الكتابات السابقة ومن الوثائق العديدة والقيّمة المتاحة والكتب، ومن المذكرات والسير الذاتيّة، وكذلك من "الرواية الشفويّة" والشهادات الشخصيّة ما أضاف الكثير وطوّر في سرد الرواية الفلسطينية بشكل مغاير ومتميز، كما أشار د. الجمعية تحديدًا إلى أنسنة الفلسطينيّ في الكتاب كإضافة نوعيّة لا تخرج الكتاب عن أكاديميته .
واتفق د. محمود محارب، أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة القدس، مع ما قاله د. الجعبة، أنّ "أنسنة" الرواية التاريخية الفلسطينيّة، وكذلك واقعيّة الأحداث والشخصيات هي عناصر قوة لهذه الدراسة القيّمة، كونها تمكّن القراء من الإحساس بمعاناة الإنسان الفلسطينيّ والظلم الذي واجهه وتجعله يعيش حياة الفلسطينيّ بتحدياتها ومعضلاتها، كما أشار د. محارب إلى أن الربط المتين بين النكبة وما بعدها يميّز هذا الكتاب عن باقي الكتب حول هذه الحقبة التاريخيّة.
في مداخلته، أجاب د. عادل مناع بداية على الملاحظات النقديّة التي وجّهها د. محارب ود. الجعبة في مراجعتيهما، والتي أشارت بالأساس إلى مواضيع طرحا أهمية التوسّع بها أو معالجتها بشكل مختلف. وأشار إلى أن كتابه هو ثمرة مشروع طويل وعمل جدّي يعيدنا إلى حرب 1948 ونتائجها من وجهة نظر المهزومين الذين لم يسمع صوتهم في أحداث النكبة، ويسلّط الأضواء على مسألة "عدم الطرد"، أي على من لم يطردوا أو هؤلاء الذين هُجّروا لكنهم عادوا إلى بلداتهم، بدلاً من البحث مرة أخرى في مسألة تهجير الفلسطينيّين، وفي وجود أو عدم وجود خطة إسرائيليّة عامة لطرد الفلسطينيين. ويروي قصة فلسطينيّين نجحوا في البقاء في حيفا والجليل رغم سياسة التطهير العرقيّ.
وأضاف مناع، أن تركيزه في هذه الدراسة كانت على الفلسطينيّين الذي أعتبرهم وكلاء التاريخ لهم دور وهم وشركاء بما جرى لهم عام النكبة وما بعد النكبة، مما يعطينا نظرة مختلفة حتى من الطرف العربيّ. أما بخصوص مصادر البحث، فيذكر المؤلف أنه اختار أن يعتمد بشكل مهنيّ ومدروس على الروايات الشفويّة التي جمعت من سكان الجليل، إلى جانب المصادر المكتوبة والمطبوعة، ما يجعل الدراسة نموذجًا لتاريخ يكتب من القاعدة بعكس معظم الروايات التاريخيّة التي كتبت من وجهة نظر النخب.
وفي نهاية كلمته، تحدّث منّاع عن تجربة التهجير العائليّة خلال أحداث النكبة، وعن ذلك الهاجس الذي رافقه منذ سماعه لتفاصيلها في طفولته ما أشعل خياله وأثار فيه الأسئلة وحفّزه إلى البحث التاريخيّ، ثم تحاور مع الجمهور مجيبًا عن أسئلتهم وملاحظاتهم حول الكتاب والحقبة التاريخيّة للنكبة والبقاء في الوطن بعدها.