على ضوء نتائج بحث مشروع " تعلّموا العربيّة وعلّموها الناس" الذي صدر عن جمعيّة الثقافة العربيّة، تقدّم النائب جمال زحالقة، النائب مسعود غنايم، والنائب محمد بركة بطلب عقد جلسة للجنة المعارف في الكنيست للبحث في النتائج.
عُقدت الجلسة يوم الثلاثاء 8.12.2009 في الكنيست بحضور النوّاب الثلاثة والنائب حنين زعبي، وحضر الجلسة الدكتور إلياس عطا الله، الأستاذة روزلاند دعيم، ومديرة جمعيّة الثقافة العربيّة الدكتورة روضة عطا الله، ومنسّقة المشروع هبة أمارة، وعن الاتحاد القطري لأولياء لجان أمور الطلبة العرب المحامي معين عرموش (رئيس الاتحاد).
حضر الجلسة من لجنة المعارف السيّدة دالية غورن عن المجلس التربوي في المعارف، والسيّد عبد الله خطيب مسؤول المعارف العربيّة في وزارة المعارف وآخرون.
ترأس الجلسة السيّد مسعود غنايم عن " الموحّدة" لعدم وجود رئيسها السيّد زفولون أورليف، وقد تحدّث عن أهميّة المشروع وعن خطورة نتائجه، حيث أنّ كتب التدريس يجب أن تحوي المعلومات الصحيحة بما في ذلك اللغة الصحيحة، والتي هي أداة ووعاء الفكر والثقافة لدى الطالب، واللغة المشوّهة تؤدي إلى تشويه هوية الطالب. وقد شدد على تعامل لجنة المعارف ووزارة المعارف بأهميّة بالغة مع هذا البحث وتصحح الأخطاء فورا.
وتبعه النائب بركة رئيس الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، حيث أشار إلى ربحيّة منتوج الكتب وعدم إصدارها ضمن معايير ثابتة، وأشار إلى أهميّة تشكيل جهاز مراقبة لإصدار الكتب والحرص على سلامة لغتها.
بدوره قال النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، إن معرفة اللغة العربية لدى الطلاب العرب هي أساس نجاح العملية الدراسية، كذلك الحال لدى المدرّسين، فإذا لم يجِد المعلم لغته فلن ينقل الرسالة التعليمية بأمانة وبصورة سليمة وناجحة، فإتقان اللغة لدى المدرّس والطالب هي أساس العملية التدريسية.
وأكد النائب زحالقة على أهمية البحث الذي أجرته جمعية الثقافة العربية، الذي يكشف الخطر الذي يتهدد الطلاب العرب من خلال تدريسهم بكتب تحوي آلاف الأخطاء اللغوية والنحوية والتربوية. ودعا زحالقة وزارة المعارف إلى إجراء مسح شامل لكل الكتب الدراسية وتصحيح كل الأخطاء اللغوية فيها.
وأستعرض الدكتور إلياس عطا الله أبرز ما كشفه البحث من آلاف الأخطاء في ثمانية كتب دراسية في المدارس العربية، متسائلاً؛ من المسئول عن هذه الأخطاء اللغوية والنحوية، خاصّة وأن هذه الكتب مصادق عليها من وزارة التربية والتعليم. واقتبس د. عطا الله ما ورد في البحث بأن"مجملُ الأخطاء الإملائيّة، والنّحويّة، والصّرفيّة، والأصواتيّة، واللّغويّة المعجميّة، والتّقعيديّة 892 خطأ، في ثمانية كتب للصف الثاني، ولا يشمل هذا العددُ أخطاءَ قطع همزة الوصل الأولى إملاءً، ولا وضعَ تنوين الفتح على الألف، فلو جرى البحث على كل الكتب وشُملت هاتان الظّاهرتان الخطيرتان لزادتِ الأخطاء عن 4000!".
وقد قرأ الدكتور عطا الله على اللجنة بعضًا من أسماء الكتب وعدد الأخطاء التي وجدت بها، مما صعق السامعين من لجنة المعارف لهول الأعداد وخطورتها. وأكد عطا الله أن استمرار التدريس بهذه الكتب هو تجهيل للطالب العربي يقود حتما إلى جهله باللغة العربية التي هي لغة الأمّة، أي اللغة القومية، وليست لغة الأم (التي هي العامية)، وعدم إجادة الطالب العربي لغة الأمة هو مساس بصلب العملية التدريسية، ودعا عطا الله وزارة التربية والتعليم إلى تصحيح الأخطاء في الكتب المذكورة فورا، كما شدد الدكتور عطا الله على ضرورة إتقان المدرّسين العرب للغتهم مهما كان تخصّصهم، فكلّ معلّم عربيّ معلّمٌ للعربيّة.
من جانبها استنكرت الدكتورة روضة بشارة - عطا الله اقتصار الحضور على النواب العرب فقط، الأمر الذي يعكس واقع الاستهتار الرسميّ باللغة العربية كما بيّن البحث. وأوضحت أن جمعية الثقافة العربية أرسلت رسائل عدة للجهات المعنية مثل وزارة التربية والتعليم ومراقب الدولة حول نتائج البحث لفتح تحقيق حول الفشل الذي بيّنه البحث، لكن الجمعية لم تتلق حتى اليوم أي رد من الجهات المذكورة. وطالبت عطا الله وزارة التربية والتعليم بمحاسبة المسؤولين عن الفشل الرهيب المريب في كتب التدريس العربية، ودعت الوزارة لتصحيح الأخطاء فورا ووضع منهاج تدريس يتناسب وهوية وانتماء ولغة الطالب العربي. وطالبت اللجنة بمتابعة الخطوات التي تنوي الوزارة اتخاذها بهذا الصدد وعقد جلسة أخرى لمتابعة القضية.
وأشاد رئيس اتحاد لجان أولياء أمور الطلاب العرب، المحامي معين عرموش، ببحث جمعية الثقافة العربية، محملاً الفشل في كتب التدريس العربية للوزارة. وأكد أن الاتحاد توجّه بهذا الصدد في السابق لوزارة التربية والتعليم حول الأخطاء في كتب التدريس العربية، مطالبا بإقامة لجنة تحقيق مشتركة مع اتحاد لجان أولياء أمور الطلاب لمحاسبة المسؤولين عن هذا الفشل وللنهوض بجهاز التربية والتعليم العربي، مشيرا إلى أن لو كانت هذه الفضيحة في كتب التدريس العبرية لقامت الدنيا وتصدرت عناوين الصحف. وأبدى عرموش استعداد الاتحاد للتعاون مع الوزارة للنهوض بجهاز التربية والتعليم العربي كي لا تتكرر فضيحة الأخطاء في كتب التدريس العربية.
وقالت الأستاذة روزلاد دعيم، إنها أجرت بحثا حول الموضوع قبل عدة سنوات وتلقت وعودا بتصحيح الأخطاء، إلا أن الوزارة لم تفعل شيئا، وعبرت عن أملها بأن يكون للجنة المعارف والنقاش الجماهيري حول البحث الجديد أثر مباشر وفعال في حث الوزارة على تصحيح الأخطاء. من جهته استعرض الطالب رائد حاج يحيى، الأوضاع الصعبة لتحصيل الطلاب العرب مقارنة بالطلاب اليهود مؤكدا أن التعامل مع اللغة العربية هو أحد الاسباب الرئيسة لهذه الأوضاع المزرية.
من جهتها أكّدت سكرتيرة المجلس التربوي في وزارة المعارف، السيّدة داليا غورن، على أهميّة مبادرة جمعيّة الثقافة في هذا البحث وإيصاله إلى النقاش في لجنة المعارف في الكنيست. وقد عرضت المراحل التي يجب أن تمرّ بها الكتب للمصادقة عليها قبل استعمالها في المناهج، فقالت:" الكتب يجب أن تمر العديد من الفحوصات والتدقيق اللغوي من قِبل مدقّقين، حيث يجب عليهم فحص الجوانب التربوية في الكتاب، ولا يمكن أن نتوقع أنهم لا يقومون بالفحص والتدقيق اللغوي الصحيح، وسنفحص الكتب كلها، ونراجع مَن دقّقها، ومن صادق عليها وسكت عن هذه الأخطاء الخطيرة".
وبدوره قام مسؤول المعارف العربيّة الأستاذ عبد الله خطيب بمداخلته، حيث شكر جمعيّة الثقافة العربيّة على بحثها ذي الأهميّة البالغة، وقد شدد على أهميّة فحص الكتب استنادا على بحث الجمعية، "وأنه يجب أن تناط مهمّة التصديق بلغويّ أكاديميّ مختصّ في اللغة العربيّة، ولن يسمح بإدخال أيّ كتاب إلى المدارس العربيّة إلا بتصديق منه، أمّا الكتب المستعملة اليوم فستصحّح، وإلا ستخرجها الوزارة من الاستعمال".
اختتم الجلسة النائب مسعود غنايم حيث لخّص التوصيات، ودعا وزارة المعارف إلى تبني بحث جمعيّة الثقافة العربيّة والاعتماد على نتائجه، وعقد لقاء ثان مع الجمعيّة لبحث النتائج المفصّلة، والبدء بتصحيح الأخطاء في الكتب ومتابعة ذلك بجلسات متابعة للقضية لضمان الوقوف بجدول زمني محدد للقيام بذلك.
يذكر أن رغم أهميّة الجلسة مع اللجنة البرلمانيّة، وأهميّة الموضوع للجنة المعارف كجزء من مسؤوليّتها، فإنّ رئيس لجنة المعارف زفولون أورليف لم يحضرها ، مما يشير إلى تقصير وعدم متابعة مسؤوليات اللجنة. ويذكر أنه لم يحضر اللجنة أيّ من أعضاء الكنيست غير النوّاب العرب وهذا يدل أيضا على عدم الاهتمام وعدم الاكتراث.