في ذكرى انطلاق الثورات العربيّة عام 2011، نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة يوم الأربعاء 27/2/2019 ندوة في مدينة حيفا بعنوان "ثماني سنوات على الثورات"، شارك فيها نشطاء وكتّاب وباحثون.
وجاءت هذه الندوة ضمن برنامج ندوات "حديث الأربعاء"، الذي أطلقته الجمعية أخيرًا وفي نطاقه ستعقد ندوة شهرية ذات طابع فكري ثقافي في شتى أنحاء البلد.
ورحّبت مديرة جمعيّة الثّقافة العربيّة رلى خوري بالحضور وتحدّثت عن برنامج "حديث الأربعاء"، مؤكدة أنه يفتح المجال لأي شخص للمشاركة في تقديم مداخلات ضمن برنامج الندوات. وقالت إن برنامج "حديث الأربعاء" يسعى إلى طرح قضايا ثقافيّة وسياسيّة وفكريّة متعددة للنقاش، وإلى إعادة الاعتبار لمكانة الندوات الثقافيّة في مجتمعنا كمرتكز أساسي في تشكيل الفضاء العام، بالإضافة إلى المساهمة في إنتاج المعرفة الفلسطينيّة من خلال تشجيع الكتّاب والأكاديميين والناشطين على ذلك.
افتتح الندوة وأدارها الصحافي ربيع عيد مستذكرًا انتفاضات الشعوب العربيّة بعد عقود على أنظمة الاستبداد للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطيّة. وأشار إلى أن الثورات العربيّة انحرفت عن مسارها لعدة عوامل منها داخلية ومنها خارجية، أبرزها نجاح الثورات المضادة في القضاء على الحراك الثوري ودخول عدة دول إلى حرب أهلية. وأكد أهمية الوقوف عند حدث الثورات كحدث مؤسس في تاريخنا المعاصر ما زالت أحداثه تتفاعل وتلقي بظلالها على المنطقة العربية.
وكانت المداخلة الأولى للباحث والناشط التونسي الأمين بوعزيزي عبر السكايب من مدينة سيدي بوزيد في تونس بعنوان "ثورات الشعب يريد إسقاط النظام؛ هل أطاحت به أم أطاح بها؟"، وتحدّث فيها عن طبيعة النظام السياسي والاقتصادي الذي ثار ضده التونسيون، والمناخات المحليّة والعربيّة والدوليّة التي تفجرت في سياقها الثورات. وتطرّق بوعزيزي إلى التحديات الماثلة أمام الثورة التونسيّة خصوصًا التحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وأكد أن هناك مكاسب عديدة استطاع التونسيون تحقيقها خصوصًا في مجال الحريّات السياسيّة. وفي ختام مداخلته أكد بوعزيزي على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الشعب التونسي، وعلى استمرار الحراك الساعي لتجريم التطبيع مع إسرائيل.
وكانت المداخلة الثانية للناشطة السياسيّة السودانيّة ولاء البوشي عبر السكايب من مدينة الخرطوم العاصمة بعنوان "ماذا يحصل في السودان منذ شهرين؟"، وتحدثت فيها عن الأحداث المتسارعة لحركة الاحتجاجات المستمرة في السودان. واعتبرت البوشي أن الزخم الشعبي الكبير في حجم وشكل المشاركة الشعبيّة في المدن والأرياف السودانيّة هو أمر لم يشهده السودان من قبل. وأكدت أن مطالب المتظاهرين الذين يخرجون بشكل يومي تتمثل برحيل الرئيس السوداني عمر البشير، الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989. وتناولت في مداخلتها شكل الحراك وآفاقه في ظل تعنّت النظام بعدم الاستجابة للشعب، وشرحت عن أشكال القمع الذي يتعرض له الشعب السوداني.
وقدّم الكاتب الفلسطيني جوان ريناوي المداخلة الثالثة بعنوان "الماضي وسرد الماضي؛ سؤال الهوية السوريّة على ضفتي ثورة" تحدث فيها عن الربع الأخير من القرن العشرين والإخفاقات السياسية الكبرى التي بلغ فيها الاهتمام بماضي سوريا والشرق الأدنى القديم بين النخب السوريّة تحت مظلة النظام مبلغًا غير مسبوق. واعتبر ريناوي أنه جرى فرض الهويّة القوميّة العربيّة شبه المعاصرة على الماضي والتاريخ والأقوام والكيانات التي عاشت في سياقه. وأكد ريناوي أن هذا الحراك الثقافي برعاية الدولة نفسها بأذرعها ومنتدياتها وإعلامها بقي على نفس الحال تقريبا حتى لحظة "الانفجار العظيم" في عام 2011.
أما المداخلة الرابعة فكانت للباحثة الفلسطينيّة مليحة مسلماني بعنوان "جرافيتي الثورة المصريّة والفن الاحتجاجي" وتحدثت فيها عن شكّل الجرافيتي كأداة رئيسية من أدوات الاحتجاج والتعبير الوطني ــ الثقافي في الثورات العربية، بعد أن ظلّ فنًّا ممنوعًا ومقموعًا لعقود طويلة في ظل أنظمة الحكم الديكتاتوريّة في الوطن العربي. وعرضت مسلماني تجربتها الشخصيّة في توثيق جرافيتي الثورة المصريّة وإصدارها كتابًا حول ذلك، تطرقت فيه إلى المواضيع والأحداث التي رسمت هذه الجرافيتي على الجدران وكانت تُحرض وتنتقد وتناقش، وشكلت فضاءً عامًا جديدًا قبل أن يمسحها نظام الثورة المضادة.