ناقش "الصالون الأدبيّ" في جمعيّة الثّقافة العربيّة، مساء الأربعاء 20/03/2013، كتاب "معماريّة الفقدان- سؤال الثّقافة الفلسطينيّة المعاصرة" للباحث والناقد د. إسماعيل ناشف، الصادر عن دار "الفارابي" في بيروت، من خلال مداخلات تخصّصت كلٌ منها لأحد المجالات الثّقافيّة التي يتطرّق لها الكتاب: الأدب، الموسيقى، السينما، العمارة، كذلك للسؤال العام حول مقولات الكتاب في تشكّل الثّقافة الفلسطينيّة المعاصرة.
افتتح الأمسية وأدارها إياد برغوثي، مدير المشاريع في جمعيّة الثّقافة العربيّة، وقدّم توطئة عامّة حول أسئلة ومحاور الكتاب الذي يَعتبر "مجال السؤال الثقافيّ حاسمًا في السياق الفلسطينيّ، ومن هنا أهميته، وربما أهمية هذه الندوة، وذلك لأنّ المجال الثقافي، كما يؤكّد الكاتب، هو الرابط الأساسيّ للأجزاء المختلفة من الجماعة الفلسطينيّة التي لا تجمعها، منذ نكبة 1948، وحدة جغرافيّة سياسيّة واحدة ذات قاعدة اقتصاديّة اجتماعيّة منتجة".
المداخلة الأولى في الأمسية كانت للمعماريّ عبد بدران، الذي تطرّق للفصل حول "الفضاء الاستعماريّ"، وتحدّث عن ذاكرة الإنسان في الحيز بين الشخصيّ والجماعيّ وذاكرة المعرفة مشيرًا إلى التلاعب الاستعماريّ الإسرائيليّ في الحيز بدائرة ذاكرة المعرفة وكتابة ذاكرة المكان، كما تحدّث عن مراحل تطوّر/تشوّه الشكل المعماريّ للبيت العربيّ الفلسطينيّ والذي قسّمه إلى صيرورة من ثلاث عشر طورًا تبدأ من القضاء على المدينة الفلسطينيّة في العام 1948، كما تطرّق بدران إلى مسألة فقدان النموذج وإشكاليات المحاكاة.
وقدّم المحاضر والباحث الأدبيّ د. حسين حمزة مداخلة حول فصل "الأدب الفلسطينيّ اليوم" تحت عنوان "في البحث عن راجي بطحيش"، وقال إن ناشف يقترح في نقده لنصّ بطحيش أدوات معرفية مغايرة للأدوات الأدبيّة، مقدمًا نقدًا بنيويًا جماليًا تهمّه هيكليّة النصّ والربط بين محاوره والظاهرة أكثر مما تهمّه البلاغة، مثلا. وتحدّث حمزة عن النسق الثلاثي في مقاربة النصّ وعن ثنائية الحضور والغياب، كذلك تطرّق حمزة إلى التشظي في الكتابة الفلسطينيّة المعاصرة، وإلى صدى حضور الذاكرة في الوعي.
المداخلة الثالثة في الأمسية كانت للسينمائيّ مهند يعقوبي، الذي تحدّث عبر "السكايب" من رام الله، حول فصل "هذا فيلم" في الكتاب، وخصوصًا حول تطوّر السينما الفلسطينيّة كسلاح ثوريّ وكأداة حضور بصريّ-سرديّ ترتكز إلى لحظة 1948 كلحظة سرد، وتطرّق إلى العلاقة بين المشهديّة الفنيّة والصناعة السينمائيّة التي يتحكّم بها المنتجون، وإلى مرحلة سينما أوسلو المرتبطة بالمشروع الكولنياليّ الإسرائيليّ ولتي بنت سينما "الاستعجال" المتركزة في "هنا والآن" ولا تعود إلى 1948، كما تطرّق يعقوبي إلى مقولات الكتاب حول إتقان إدخال الوسائط التقنيّة والفنيّة معًا في السينما.
في بداية مداخلته حول فصل "الموسيقى في فلسطين"، أشار الموسيقيّ حبيب شحادة إلى الشاعريّة التي يكتب فيها إسماعيل حول الموسيقى، معتبرًا أنّ هناك بنية موسيقيّة للنصّ وتماثل في الإحساس بين النصّ وموضوعه. وتطرّق شحادة إلى التهميش البنيويّ للموسيقى في الثّقافة الفلسطينيّة، وتساءل حول هويّة الموسيقى الفلسطينيّة وكونها جزءًا من الموسيقى السوريّة تاريخيًا، من خلال ربط العلاقة بين الموسيقى والجغرافيا كوحدة تنوّع وخصوصيّة، وتحدّث حول بداية مسار لرسم هويّة موسيقيّة فلسطينيّة متمايزة في السنوات الأخيرة.
المداخلة الأخيرة في الأمسية، كانت للناقد والكاتب د. عبد الله البياري، الذي تحدّث عبر "السكايب" من القاهرة، وتطرّق في الديناميكيّة في عنوان الكتاب حيث يضحي الفقدان في ذاته مكان وإمكان، ومشيرًا إى عدة محاور فكريّة للكتاب أهمّها: محور العقل وانعكاسه من الفردانيّة إلى الجماعيّة، ومحور "نيكروبولتيكس" كنهج لفهم آليات سيطرة القويّ على أحقيّة البقاء للضعيف وآليات إنتاج المعاني، من خلال محاولة فهم كيف ينتج الفلسطينيّ ذاته.
بعد المداخلات، قدّم د. إسماعيل ناشف ملاحظات حول المداخلات وأهمية المعرفة النظريّة في السياق الفلسطينيّ. بعدها شارك الحضور بنقاش شيّق حول مضمون المداخلات والكتاب.