الثقافة العربيّة تختتم دورة في الكتابة الإبداعيّة للناشئة مع الكاتب علي مواسي

اختتمت جمعيّة الثقافة العربيّة دورة في الكتابة الإبداعيّة للناشئة، خُصِّصَت للفائزين بـجائزة مسابقة القصّة القصيرة لطلّاب المدارس الّتي تنظّمها الجمعيّة سنويًّا، والّتي أطلقتها عام 2018؛ إذ هدفت الدورة الّتي أعدّها وقدّمها الشاعر والمحرّر علي مواسي، إلى توسيع المعرفة الأدبيّة لدى المشاركين، وإغناء ذائقتهم الأدبيّة، وكذلك تطوير أدواتهم ومهاراتهم الكتابيّة.

شملت الدورة الّتي نُظِّمَت على مدار ثلاثة شهور، مداخلات نظريّة، ومناقشة نصوص من مختلف الأنواع الأدبيّة، بالإضافة إلى مجموعة من التمرينات الكتابيّة، ولقاءات تحرير جماعيّة وفرديّة، نتجت عنها نصوص شعريّة، وعَبْر نوعيّة، وقصص قصيرة، وقصص قصيرة جدًّا.

استضافت المجموعة خلال الدورة عددًا من الكاتبات والكتّاب الفلسطينيّين من أجيال مختلفة، للوقوف على تجاربهم في الكتابة والنشر، ومحاورتهم في أعمالهم؛ فكان من بين الضيوف الشاعر يحيى عاشور (غزّة)، والروائيّة والشاعرة أحلام بشارات المقيمة (رام الله)، والقاصّة شيخة حليوى (يافا)، والشاعرة أسماء عزايزة (حيفا).

حول مسار الدورة ومضامينها، قال علي مواسي: "كنت خلال هذه الدورة متعلّمًا أيضًا، استفدت جدًّا من الوقوف على اهتمامات هذا الجيل وتساؤلاته، وكان لا بدّ من فهم المَيْل الفرديّ لدى كلّ مشارك من أجل الوصول معه إلى ‘نصّه‘. التحدّي الأساسيّ الّذي تعاملنا معه كمجموعة، كان يكمن في التحرّر من ثقل المفاهيم الّتي يصنعها التعليم المدرسيّ والانطباعات العامّة حول الأدب، حيث التركيز على القوالب أكثر من كسرها، وتقديم القواعد على الخيال، والتمسّك بالأجناس الناجزة على حساب التجريب، وأعتقد أنّنا نجحنا إلى حدّ كبير في ذلك".

وأضاف مواسي: "استمعنا خلال الدورة إلى نصوص مغنّاة ومُلْقاة، تلقّينا أدبًا يحضر مع أشكال فنون أخرى، من تصوير، وفنّ فيديو، وتصميم، إلخ... جُلْنا في تجارب أدبيّة فلسطينيّة وعربيّة وعالميّة، وقفنا قدر الإمكان على مفاهيم أدبيّة بهدف الاستفادة منها في الكتابة، مثل مفهوم الصورة الأدبيّة والتناصّ والتكثيف والأدب العَبْر نوعيّ، حلّلنا نصوصًا وحرّرنا أخرى، وقد أنتجنا مجموعة من النصوص تحقّق شروطًا فنّيّة لافتة. ثمّة الكثير من المواهب الكتابيّة بين أبناء هذا الجيل المنكشف بشكل غير مسبوق على عوالم فسيحة ومتنوّعة، وثمّة ضرورة ملحّة للالتفات إلى هذه المواهب وخلق أطر محفّزة لها وموجّهة، نحو خلق جيل أدبيّ جديد، يؤمن بالفنّ الّذي فيه، وبالجمال أداةً للتفكير والتعبير والتغيير وتحقيق الذات الفرديّة والجماعيّة، ولا سيّما أنّ بنى التعليم التقليديّة لا تكترث بمجالات الكتابة الإبداعيّة للأسف، ولا تولي كبير اهتمام للجوانب الفنّيّة في الأدب واللغة، وهذه الدورة، كما المسابقة، رقصة من نوع آخر على المنصّة المائلة بأقدام حافية".

 



ندين قزموز (17 عامًا)، إحدى المشاركات في الدورة، قالت حول تجربتها: "هذه تجربة جديدة بالنسبة لي، وقد أفادتني، أحببت مسار الدورة. فكرتي عن الأدب كانت مختلفة، كنت أعتقد أنّ لكلّ شيء قوانين وقواعد ثابتة. في الشعر مثلًا، انكشفت على أنواع نصوص جديدة، وفهمت الطرق الّتي يجب أن يُكْتَب بها، وكيف يُعَبَّر مجازيًّا كذلك عن الأشياء والأفكار. تجربة التحرير الفرديّة والجماعيّة كانت رائعة. بعد أن كتبت القصّة وقدّمتها للمسابقة في حينه، كنت محتارة بعدها كيف أستمرّ في الكتابة، كيف يكون التجديد؟ مع هذه الدورة اكتشفت أنّ ثمّة أمورًا جديدة دائمًا، وأجمل الأنشطة بالنسبة لي، كانت استضافتنا للكتّاب".

أمّا قدس أيّوب (15 عامًا)، فقالت: "ساعدتني الدورة جدًّا في ترتيب أفكاري حول الأدب، وتحديدًا في ما يتعلّق بمبنى النصّ وترتيبه وسلاسته. كنت أحبّ جدًّا تعمّقنا في النصوص، لم نكن نفكّر فقط بالجوانب الظاهرة من اللغة، خارجيًّا، بل كنّا نحلّلها من مختلف جوانبها. أكثر ما أحببته من الفعاليّات الكتابيّة، تلك الّتي نتج عنها نصّي المُعَنْوَن بـ ‘برواز القلق‘، حيث الجمع بين المحسوسات واللّا محسوسات. هي فعاليّات لم أخض بها من قبل، كانت أمرًا جديدًا بالنسبة لي".

وبعد اختتام هذه الورشة وبناءً على تقييمات لجان التحكيم في مشروع مسابقة القصة القصيرة، قررت جمعية الثقافة العربية تخصيص ورشات كتابة أدبية بشكل سنوي لطلاب المدارس في المرحلة الإعدادية والثانوية، بهدف تدريب الطلاب على مهارات الكتابة، في ظلّ نقص هذه التدريبات في المدارس وغيابها عن مناهج التعليم. وترى جمعية الثقافة العربية بأن تطوير المهارات في الكتابة الأدبية في هذا الجيل، أمر هام لصقل القدرات للطلاب، وإعداد جيل أدبي شبابي فلسطيني قادم، يستطيع أن يحظى بحضوره في المشهد الأدبي والثقافي الفلسطيني مستقبلًا، ويكون له إسهاماته.

وفي هذا الخصوص، قررت الجمعيّة تخصيص هذه الورشات للطلاب المشاركين في مسابقة القصة القصيرة السنوية لطلاب المدارس، بناءً على اختيارات لجنة التحكيم الذين سينظرون في قصص الطلاب المشاركين ويختارون منها ما يكون مؤهلًا للاشتراك في هذه الورشات، التي سيقدّمها مجموعة من الكتّاب والكاتبات الفلسطينيين، سيشرفون على تدريب الطلاب، وعلى إعطائهم المعرفة والأدوات اللازمة في الكتابة الأدبيّة.

وأوضحت الجمعيّة أنّ نظام مسابقة القصة القصيرة سيتغيّر ابتداءً من السنة 2021، بحيث تُختار القصص الفائزة في المسابقة من قصص الطلاب المتخرجين من ورشة التدريب للكتابة الأدبية، وذلك لتكون المنافسة مبنية على أسس مشتركة بين الطلاب في ظل غياب البرامج المتخصصة للكتابة الأدبية في المدارس العربية.