في نهاية الندوة التي نظّمتها جمعيّة الثّقافة العربيّة في حيفا، مساء الأربعاء 15/11/2017، وتحدّث خلالها أ.د. محمود يزبك حول كتابه الجديد "الشيخ ظاهر العمر الزيداني-العصر الذهبي لفلسطين في العصر الحديث"، طالب يزبك كلّ المدارس العربيّة، أن تعرّف طلابها، من خلال حصص التربية اللامنهجية، على تاريخ هذه الشخصية التاريخيّة الهامّة التي تدين المدن الفلسطينيّة التاريخيّة، خصوصًا طبريا والناصرة وعكا وحيفا، بتجديد عمرانها بالفترة الحديثة له، وهي شخصية يتجاهلها منهاج التاريخ الرسميّ المفروض على مدارسنا العربيّة من قبل وزارة المعارف الإسرائيلية.
في مطلع الندوة، تحدّث أ.د. محمود يزبك، عن اختياره إصدار الكتاب بحجم صغير حتى يزيد من إمكانية قراءته من قبل أوسع شريحة من الناس والطلاب، لأنّ التعرّف على شخصية بحجم ظاهر العمر الزيداني يجب أن تكون مكوّنًا أساسيًا في تشكيل الذاكرة الجمعيّة للفلسطينيّين.
وخلال الندوة شرح يزبك عن ظهور "الزيادنة" كملتزمي ضرائب في منطقة الجليل التابعة لولاية صيدا، في مرحلة لامركزية وضعف الحكم العثمانيّ، وبروز ظاهر العمر كقائد محليّ. وركّز يزبك على أهمية اقتصاد القطن في تلك الفترة، واحتكار ظاهر العمر لهذه الإنتاج الزراعيّ ذي الجودة والطلب الكبير عليه في أوروبا، التي عاشت حينها بدايات فترة الثورة الصناعيّة وزادت حاجتها لاستيراد القطن، وحيث أنّ الفائض من الربح الذي جناه الزيداني من تجارة القطن استثمره في بناء وتحصين المدن وتعزيز قوته العسكرية، وقدرته على توسيع رقعة سيطرته وحكمه واجتذابه لتأييد السكان المحليين وجلبه للأمان، وازدياد حاجته للحرفيين وأصحاب المهن لخدمة النهضة الزراعيّة والعمرانيّة ما أدى لتطويره لنظام استيعاب هجرة لهؤلاء الحرفيين وخصوصًا من الطوائف اليهوديّة والمسيحيّة، وكذلك ما ولّده هذا الاحتكار من علاقات متوترة مع التجار الفرنسيين وصراع مع حكام منطقة نابلس.
واستعرض أ.د. يزبك صورًا لعدد كبير من الإرث المعماريّ الذي تركه الظاهر عمر الزيداني في رحاب الجليل، من قلاع رمّمها وسرايا حكم شيّدها وأسوار حصّن بها المدن وكنائس ومساجد رعى وموّل بناءها، وقد شدّد يزبك على ما تدلّ هذه الشواهد على التعايش والتآخي بين الأديان المختلفة التي عاشت في تلك الفترة.
وفي نهاية الندوة، جرى حوار بين الحضور والمحاضر حول جوانب مختلفة مثيرة من حياة هذه الشخصية التي حكمت فعليًا منطقة الجليل على مدار ستة عقود في القرن الثامن عشر، محاولين التمييز بين الشخصيّة الأدبيّة والشخصيّة التاريخيّة، ووضعها في سياقها ضمن التاريخ العثماني للمنطقة العربيّة.