نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة يوم الأربعاء 19/12/2018 أمسية حواريّة بمناسبة نهاية السّنة تحت عنوان "الإنتاج الثّقافيّ الفلسطينيّ في عام 2018" استضافت فيها عدد من الفنانين والكتّاب، لمناقشة أبرز الإنتاجات الثقافيّة في أربعة حقول: الموسيقى والسينما والمسرح والفن التشكيلي. وتناولت الأمسية النجاحات والتحديات القائمة في هذه الحقول والإنتاج الثقافي عمومًا.
تحدّث في الأمسية التي عُقدت في مكاتب الجمعيّة في مدينة حيفا، كل من الموسيقيّ حبيب شحادة حنّا والمسرحيّ خليفة ناطور والمدوّنة السينمائيّة سماح بصول وقيّمة المعارض الفنيّة رلى خوري، وحاورتهم الإعلاميّة مريم فرح التي طرحت عليهم قضايا مختلفة تواجه العاملين في الحقل الثقافي مثل تحدّيات تفرضها المؤسّسة االإسرائيليّة، ونقاش التمويل والمقاطعة، والتجاوب الجماهيري في الإنتاجات وطرق وصولها للناس والمناطقيّة التي تتحكم بالمشهد الثقافيّ.
غياب المنهاج الموسيقي الفلسطيني
وفي حديثه عن المشهد الموسيقيّ، قال حبيب شحادة حنّا أن الموسيقى الفلسطينيّة لطالما كانت جزءًا من فضاء أكبر هو الفضاء العربي والموسيقيى العربيّة، ولطالما ارتبطت المشاريع الموسيقيّة الإبداعيّة بالوضع السياسيّ والاجتماعيّ في البلاد، وهذا الأمر جمع موسيقيين فلسطينيين من كل أنحاء فلسطين للعمل معًا. وأضاف حنّا أن الإشكالية الكبيرة التي ما زالت تواجه كلّ الفنانين الموسيقيين، هي عملية الإنتاج، فتسجيل ألبوم على سبيل المثال مكلف جدًا حيث يضّطر غالبًا الفنان لدعم الإنتاج من جيبه الخاص حتّى بعد تلقّيه منحًا أو مساعدات من صناديق تدعم الإنتاج الثقافيّ. كما تطرّق حنّا إلى انتشار معاهد الموسيقى في البلدات العربيّة والإقبال الموجود عليها لكن في نفس الوقت تساءل عن غياب منهاج فلسطيني واحد يدرسه طلبة الموسيقى في هذه المعاهد وغياب التنسيق فيما بينها.
المهرجانات العالميّة فرصة لصوت فلسطين
أمّا عن المشهد السينمائيّ، فتحدّثت سماح بصول عن الحضور الفلسطيني البارز في المهرجانات السينمائيّة العالميّة الذي شهده عام 2018، وهو أمر موجود منذ سنوات حسب قولها، مؤكدة على أهمية هذه المشاركات في إيصال الصوت الفلسطيني والقضية الفلسطينيّة عالميًا، خصوصًا ما تأخذه هذه الأفلام من أصداء أو التّرشّح لجوائز أو الفوز بها. من ناحية أخرى تطرّقت بصول لمبادرات محليّة لدور سينما فلسطينيّة تقوم بجلب وعرض أفلام مهمّة؛ وفي نفس الوقت، أشارت للتّحدّيات أمام تنظيم عروض داخل البلدات العربيّة بسبب غياب قاعات مجهّزة لاستقبال العروض السينمائيّة بأفضل جودة. كما تحدّثت عن تحدّيات أخرى في المشهد السينمائي الفلسطيني تتعلق بالقرصنة والانتشار الواسع والكبير لأفلام وفيديوهات متاحة في الشبكة مجانًا التي أصبحت تحتل من وقتنا اليومي.
لا يستطيعون إيقاف الحركة المسرحيّة
بدوره قال خليفة ناطور أن المشهد المسرحي الفلسطيني لعام 2018 وصل القمّة الأمر الذي يطرح تساؤلًا حول المكان الذي قد يذهب إليه هذا المشهد، واعتبر أن التضييقات الإسرائيليّة ضد المسرح الفلسطيني لم تؤثر على الإنتاج المسرحي الفلسطيني أو تمنع ممثل من تقديم عرض له أو طالب من إكمال دراسته للمسرح. وقال ناطور أن هناك فرق بين المسرح والحركة المسرحيّة، فمحاولات إغلاق مسرح الميدان على سبيل المثال وتوقفه عن العمل لا يعني إيقاف الحركة المسرحيّة التي تتجدد دائمًا وتتواصل فيما بينها وبين الأجيال الطلائعيّة فيها والحديثة، وتتفاعل مناطقيًا ما بين أراضي الـ48 والـ67 والقدس. كما أشار ناطور إلى أن المسرح الفلسطيني اليوم يعرض في مسارح عالميّة ويجول في عدّة مدن والأبواب مفتوحة أمامه، كما أكد على ضرورة أن يجلب المسرح الفلسطيني ممثلين أو مخرجين من حول العالم ليعملوا في فلسطين ويُرفدوا إلى تجربة المسرح الفلسطيني مدارس مسرحيّة مختلفة.
المؤسسة الأكاديميّة الإسرائيليّة تستبعد الفن الفلسطيني
وفي معرض حديثها عن الفن التشكيلي في فلسطين، قالت رلى خوري أنه في عام 2018 افتتحت مساحات جديدة حاضنة للفن التشكيلي مثل المبنى الجديد لمؤسسة "القطان" في رام الله ومشروع "منجم" و"غاليري فتوش" في حيفا، وهي مساحات مهمّة كون جزء منها يعطي المساحة للفنان للعمل في مختبر أو تعتمد على الاستقلاليّة التمويليّة عن المؤسسة الإسرائيليّة. وتطرّقت خوري إلى أعمال أنتجت هذا العام في معارض أخرى في كفرياسيف وطمرة وأم الفحم وسخنين، وغالبًا تكون معارض فرديّة يعتمدون فيها على التمويل على مؤسسات إسرائيليّة التي قد تفرض رقابة ذاتيّة على الفنان في الابتعاد عن الهويّة الفلسطينيّة في الأعمال. كما أشارت إلى وجود ازدياد في عدد الدارسين والخرّيجين العرب في موضوع الفن التشكيلي من الجامعات الإسرائيليّة التي لا تتناول مناهجها الفن التشكيلي الفلسطيني وتاريخه، وأن المشهد أمامه تحدّيات تتعلق بوجود صالات عرض ومشاريع تدعم الفنانين لتنفيذ معارض، بينما المشهد العالمي متقدّم جدًا في الفن التشكيلي حيث يجد الفنان دعمًا لمشاريع عمله.
وفي ختام الأمسية، فُتح المجال أمام الجمهور لتقديم أسئلة ومداخلات، والتي تناول جزءًا منها غياب عمليّة النقد الفني عن المشهد الثقافي الفلسطيني وغياب النّقاد الذين لهم دور هام في ترشيد المشهد الثقافي ودفعه قدمًا.