في رواية الابادة| حرب الابادة على غزة وتهجير الفلسطينيين

استمرارًا لمشروع “في رواية الإبادة” الذي أطلقته جمعيّة الثقافة العربيّة في كانون الأوّل 2024، استضافت الجمعيّة، يوم الإثنين 2 حزيران 2025، لقاءً حواريًا بعنوان “حرب الإبادة على غزّة وتهجير الفلسطينيين”، بمشاركة الباحث الفلسطيني البارز د. محمود محارب، أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة القدس، المتخصّص في السياسات الصهيونية والتاريخ الفلسطيني المعاصر، والصحافي ومقدّم البرامج الحوارية أمير الخطيب.

تأتي هذه الندوة ضمن سلسلة الندوات التي تنظّمها الجمعيّة في إطار مشروعها، والذي يسعى إلى تعزيز السردية الفلسطينيّة في مواجهة الجرائم المستمرّة التي تُرتكب بحقّ الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزّة، عبر إنتاج معرفي نقدي وتوثيقي يتناول مختلف أبعاد الإبادة، من العمران والهوية إلى السياسات الإعلامية والاستعمارية.

تناول اللقاء بعمق الخلفية السياسية والتاريخية لمشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة، باعتباره سياسة قديمة متجدّدة ضمن الفكر والممارسة الصهيونية.

استعرض د. محارب محطّات تاريخية مفصلية في هذا السياق، بدءًا من ثلاثينيات القرن الماضي، مرورًا بخطة “دالت” في عام 1948، ومرورًا بسياسات ما بعد 1967، وصولًا إلى الوثائق الرسمية التي أصدرتها إسرائيل بعد حرب 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تدعو صراحة إلى تهجير سكان القطاع إلى سيناء ودول أخرى، وتخطط لإعادة تشكيل غزة بما يخدم مشاريعها الاستعمارية.

ناقش اللقاء أيضًا الأبعاد الاستراتيجية والديموغرافية التي تحرّك المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، والأدوات التي تستخدمها إسرائيل، من العنف العسكري الممنهج إلى التدمير الاقتصادي والاجتماعي، لدفع السكان الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية.

وشدّد د. محارب خلال اللقاء على أن “هذا النوع من الحوارات ليس ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة وطنية وأخلاقية، خاصة في ظل استمرار المجازر التي يتعرض لها أهلنا في غزّة. علينا أن نقرأ بعمق ما يحدث، أن نكشف جذور المخططات الاستعمارية ونفضح أهدافها، وأن نؤسّس لسرديّتنا على أرضية معرفية صلبة تُسهم في مقاومة التهجير والإبادة”.

كما أكّد على أهمية إعمار غزّة كأداة مركزية في مواجهة مشاريع التهجير، مشيرًا إلى أن “إعمار ما تهدم لا يقتصر على الحجر، بل يشمل استعادة البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تحاول إسرائيل تفكيكها بشكل ممنهج”.

شهد اللقاء تفاعلًا واسعًا من الحضور الذين أثْروا الحوار بمداخلاتهم وأسئلتهم الدقيقة، مؤكدين على أهمية كشف البُعد التاريخي والاستراتيجي للجرائم الجارية، وربطها بسياقات أوسع من التطهير العرقي والاقتلاع القسري المستمر منذ أكثر من سبعة عقود.

تؤكّد جمعيّة الثقافة العربيّة من خلال هذه اللقاءات التزامها الراسخ بمواجهة النسيان والتواطؤ بالصمت، وبتوثيق الذاكرة الفلسطينيّة الحيّة، وتعزيز الوعي الجمعيّ بأدوات الإبادة والتهجير، والعمل على إنتاج معرفة فلسطينيّة مقاومة، تنحاز للحقيقة وللمجتمع الفلسطيني في الداخل وفي المنفى