لقاء أدبيّ حاشد في "احتفالية فلسطين للأدب"


التقى عشرات الكتّاب والمثّقفين العرب والعالميّين، مساء السبت الماضي 16.04.2011، في قاعة جمعيّة الثّقافة العربيّة في مدينة الناصرة، ضمن احتفالية فلسطين للأدب 2011، حيث شهد اللقاء الحاشد مداخلات أدبية وسياسية وقراءات شعرية ونقاش بين الحضور حول حضور القضية الفلسطينية في الأدب والإعلام الغربي.



افتتحت د. روضة عطا الله، مديرة جمعيّة الثّقافة العربيّة، اللقاء مرحبة بالحضور، وقالت إنها "فرحة جدًا بهذا اللقاء الأدبيّ الذي يجمع كتابًا وشعراء عالميّين محترمين ولامعين جاءوا للتضامن مع الشعب الفلسطينيّ ودعم قضيته وحركته الأدبية"، كما تطرّقت في كلمتها الترحيبيّة إلى مقتل شهيد الحرية جوليانو مير خميس والمناضل الإيطالي فيتوريو أليغوري واعتبر قتلهما عبثًا وخسارة كبيرة للشعب الفلسطينيّ وطالبت بكشف المجرمين.  



احتفالية 1



ثم تحدّث الشاعر والإعلامي سامي مهنا، رئيس "اتحاد الكتاب العرب الفلسطينيّين-حيفا"، عن تأسيس الاتحاد وعن المؤتمر الأدبيّ المزمع عقده لدفع الحركة الأدبيّة الفلسطينيّة في الداخل قدمًا، وعن مسعى الاتحاد للتعاون مع الجمعيات الثقافيّة معتبرًا إياه شرطًا أساسيًا للمساهمة في الحراك الثقافيّ، كما تحدّث عن أهمية التواصل الثقافيّ فلسطينيًا وعربيًا وعالميًا وضرورة الانفتاح على الفضاء الإنساني العالمي، وأكّد مهنا أنّ خطاب الاتحاد الثقافيّ يجمع بين الثقافة الوطنيّة وحقوق الإنسان.   



الكاتبة المصريّة البريطانيّة أهداف سويف، رئيسة إدارة احتفالية فلسطين للأدب وصاحبة رواية “خارطة الحب” التي ترجمت إلى عشرين لغة، أدارت اللقاء، وشكرت في بداية كلمتها جمعيّة الثقافة العربيّة على استضافتها الكريمة للفعالية، وقالت إنها المرة الأولى التي تزور فيها الاحتفالية مدينة الناصرة رغم مرور أربع سنوات على انطلاقها، وإنها تشعر أنّها بين أهلها وعبّرت عن رغبتها في زيادة التعاون مع الجمعيّة مستقبلاً، وأنها تتشرّف بمشاركة كتّاب كبار في هذا اللقاء مثل الشاعر حنا أبو حنا ود.إلياس عطا الله. كما شكرت سويف الشركاء والداعمين للاحتفاليّة: المجلس الثقافي البريطاني، مؤسّسة عبد المحسن القطّان، مؤسّسة "رواق"، مؤسّسة "المجتمع المفتوح"، وعددٌ من الأفراد المساندين لاحتفالية فلسطين للأدب.



الكتّاب المشاركون



وفي أولى مداخلات اللقاء، تحدّثت الكاتبة الفلسطينيّة المقيمة في أوروبا، غادة الكرمي، صاحبة كتابيّ "البحث عن فاطمة" و"متزوجة من رجل آخر"، وابنة الإعلاميّ حسن الكرمي وابنة أخ الشاعر المعروف عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، حول تغيّر النظرة تجاه القضية الفلسطينيّة في بريطانيا، وقالت إنه في الخمسينيات لم يكن البريطانيون يعرفون أي شيء عن فلسطين، "الغريب أنّه خلال بضع أعاوم محي اسم فلسطين"، وأنّ العدوانية الغربيّة تجاه القضية الفلسطينيّة نابعة من جهل ومن انحياز للقضية الصهيونيّة، وأنّه بعد حرب العام 1967 أصبح الوضع أسوأ بكثير وتعدّدت أوصاف الصورة النمطيّة السلبيّة للفلسطينيّ، لكن كرمي شدّدت انّ الوضع قد في بريطانيا وأوروبا تغيّر وتحوّل بشكل كبير على المستوى الشعبيّ والرأي، خصوصًا بعد الحرب على غزة والهجوم على أسطول الحرية، ويمكننا أن نستغل هذا الوضع من أجل الاعتراف في حقوق الشعب الفلسطينيّ.



ثمّ تحدّثت الشاعرة الهنديّة المقيمة في مدينة نيويورك مينا ألكسندر، التي عبّرت عن سعادتها في مشاركتها في احتفالية فلسطين للأدب 2010 وزيارتها لجمعيّة الثّقافة العربيّة، وتحدّثت عن نشأتها في عائلة ساهمت في نضال غاندي من أجل الاستقلال، وعن زيارتها الأخيرة لمدينة القدس وصدمتها مما يجري فيها، وذكرت قضية مقبرة "مامله" (مأمن الله) التي هدمت السلطات الإسرائيليّة القبور الإسلامية فيها لتبني متحفًا للتسامح!، وقضية جدار الفصل العنصريّ الذي يسير في مسار مخالف لحركة التاريخ والذي سيسقط حتمًا. وقرأت الشاعر ألكسندر قصديتين؛ الأولى "تياترو أوليمبكو" التي قرأتها لروح الراحل جوليانو مير خميس، والقصيدة الثانية "المجد المستحيل" وهي قصيدة حول القدس والهدم في سلوان.



الجمهور



في بداية مداخلتها، تحدّثت الناشرة والكاتبة البريطانية أورسولا أوين، عن شغفها واهتمامها بالقضية الفلسطينيّة، وأكّدت على مقولة غادة الكرمي حول التغيّر الجذري لصورة فلسطين في بريطانيا تحديدًا، لكنها أضافت أنّ هذا التغيّير حصل أيضَا بفضل إسماع الصوت الفلسطينيّ من خلال الكتّاب والشعراء والمحاضرين. وتحدّث أوين عن تجربتها كناشرة تحدّت تهميش الأدب النسائيّ في بريطانيا وتحدّت الوضع القائم في السبعينيات، من خلال إقامة دار النشر "فيراجو" التي نشرت مئات الكتب النسائية خلال العقود الماضية وجعلت الأدب النسائي حاضرًا ومرئيًا.



ثمّ تحدّث الكاتب علاء حليحل، عن الوضع الفلسطينيّ المأساوي بعد "أوسلو" الذي يتطلب إعادة التفكير في ظلّ غياب الرؤية والحلم، كما تحدّث عن عدم جرأة المثّقفين الأوروبيين الذين يدعمون القضية الفلسطينيّة لكنهم يصمتون ولا يفعلون شيئًا كضميرٍ لشعبهم، وعن إقحام موضوع الكارثة في كل جدلٍ عن القضيّة، واعتبر هذا اللقاء والاحتفالية فرصة للتفاعل وتبادل الأفكار والرؤى.



بعد ذلك دار نقاش بين الحضور حول مضامين المداخلات، تطرّقت إلى مواضيع عديدة، مثل العلاقة بين الأدب والسياسة، والحاجة إلى ترجمة مناسبة للنصوص الأدبيّة العربيّة، والأدوات الثقافيّة الممكنة لتعزيز الحضور الثقافيّ الفلسطينيّ عالميًا.



نقاش



وتلت الندوة قراءات من الشاعر نجوان درويش لمجموعة من قصائده الجديدة، ومن أجواء قصيدته "نوم في غزة": "سأَنام يا فادوس مثلما ينام الناس والطائرات تضرب/ والهواء يتمزّق/ كاللحم الحي. سأَحلم إذن بالخيانات/ مثلما يحلم الذين ينامون والطائرات تَضرِبُ. سأَستيقظ في الظهيرة لأَسأَل الراديو- مثلما يسأَلُ الناس: هل توقف القصف وكم صار عدد الذين قتلوا؟ لكن مأَساتي يا فادوس/ أَن الناس نوعان:الذين يلقون عذاباتهم وخطاياهم على قوارع الطرق ليناموا/ والذين يجمعون العذابات والخطايا على هيئة صلبان ويسيرون بها في شوارع بابل وغزة وبيروت/ وهم يصيحون: هل من مزيد/ هل من مزيد".



ويذكر أنّ احتفالية فلسطين للأدب 2011 تقام للسنة الرابعة على التوالي، حيث تزور كلّ سنة نخبة من الكتّاب والكاتبات العالميّين فلسطين وتتواصل مع كتّابها وناسها وتتعرّف على ظروف الحياة فيها تحت الاحتلال لنقل صوت الفلسطينيّين إلى العالم، كما تجدر الإشارة إلى أنّ المشاركين في الاحتفالية، هذا العام، إضافة إلى الذين تحدّثوا في اللّقاء: نتالي حنضل، لورين آدمز، معّز أنور، بيديشا، آن كيسولم، جيرالدين داميكو، محمد حنيف، جون مكارثي، ريتشارد برايس، تالين فوسكيرتكيان، جاري يونج.