في إطار مشروع التواصل: اربعة أيام في عمان..


في إطار مشروع التواصل في جمعية الثقافة العربية يجري التأكيد على ضرورة اللقاءات بين الشباب، للتأكيد على المشترك والجامع بينهم، ردا على سياسة تمزيق المجتمع الفلسطيني في الداخل وقطع تواصله وإغراقه في المحلية. كما يجري التأكيد من خلال لقاءات التواصل على الوعي بالماضي القريب، المليء بالإنجازات الحضارية والثقافية، والتأكيد على الثقة بالذات والقدرة على البناء. وتعتبر اللقاءات محاولة لبناء ذات واعية ومدركة لتحديات الواقع، انطلاقاً من ضرورة بناء الإنسان الحر التقدمي، الواثق بقدرته على التأثير وتحديد احتياجاته، وفي الوقت نفسه التأكيد على بناء مجتمع ديمقراطي فاعل، وعلى أهمية ثقافة الديمقراطية.



عمّان



ومن أجل تحقيق هذه الأهداف جرى تخصيص بعض الورشات مثل الهوية الثقافية والتعبير عن الذات وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، من خلال إشراك مثقفين عرب متميزين لإلقاء المحاضرات، ومشاركة مرشدين ومركزين من ذوي الخبرات الغنيّة في مجال الإرشاد وإدارة ورشات العمل، وتشكيل إدارات عامة للقاءات تعنى بالأمور التنظيمية العامة والاستشارة وإرشاد الشباب وإدارة البرامج، علاوة على التركيز على المضامين السياسية والثقافية لمختلف البرامج.



نجحنا في جمعيّة الثقافة العربيّة في متابعة مشروع التواصل، ففي يوم 06/09/2007، اجتمعنا (65) طالبا وطالبة من الجامعات الإسرائيلية والفلسطينة والأردنية، فلسطينيونَ اجتمعوا ليبحثوا المشترك والعلاقة والتواصل بينهم ومع بلدهم.



نصر الله



وصلنا إلى أحد فنادق عمّان، وكان لقاؤنا الأوّل مع الدكتور عزمي بشارة، حيث ترك المجال للشباب بتوجيه الأسئلة، ثم أجاب عنها. امتدّ هذا اللقاء الممتع المثري أكثر من ساعتين، طرح خلالها الطلاب العديد من الأسئلة التي تتعلق بالوضع السياسي الراهن، وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإعادة تنظيم صفوف المنظمة وعلاقاتها بباقي الفصائل، حركة فتح وحماس والقوميين من باقي الفصائل وغيرها. ثم أجاب على العديد من الأسئلة المتعلقة بإيران، وشرح بوضوح وضع التيار القومي العربي اليوم، وعن مدى الاستعداد الإسرائيلي لدخول حرب جديدة الآن، ومدى تأثير الإعلام ودوره في إيصال المعلومة والخبر بمصداقية وشفافية في ظل المنافسة الاعلامية.



مساء اليوم نفسه، كنّا على موعد مع السيّدة لميس الحسينيّ في مكتبة البستان، وكان في انتظارنا وفق المخطّط الأديب الفلسطيني إبراهيم نصرالله، حيث تحدث عن مسيرة 30 عاما من حياته الأدبية، فسرد علينا سيرته الذاتية، ومتى كانت أولى تجاربه الأدبيّة، وكيف تحول من كتابة الشعر إلى كتابة الرواية، وعن روايته الأخيرة التي أخذت من وقته الكثير، وأتيحت الفرصة للحاضرين لشراء إبداعاته من مكتبة البستان ممهورة بتوقيعه.



الحسيني



خصّص اليوم الثاني لزيارة البترا.



كان اليوم الثالث حافلا بالنشاط، حيث حللنا ضيوفا على المدرسة الأهليّة للبنات، ومديرتها العامّة السيّدة هيفاء نجّار، واستُقبلنا هنالك بحفاوة ومحبّة، والتقينا أوّلا مديرة مشروع إنجاز الشبابي في عمان التي تحدّثت عن موضوعة النجاح والسعادة وتحقيق الذات، ثمّ قدّمت السيدة هيفاء نجّار محاضرة وعرضا عن المدرسة ورؤاها وأسباب تميّزها، وهي مدرسة مميّزة حقّا.



بعد تناول طعام الغداء في المدرسة نفسها، شاركت المجموعة في ورشة عمل في المدرسة، أدار الورشة الأستاذ خليل دوابشه، وكانت حول التواصل، ماهيّته، وتقييمه.



مساء اليوم نفسه، توجّهنا إلى دارة الفنون في عمّان، وتمتّعنا بمشاهدة المعارض، ووقفنا على تاريخ المكان، وكان في استقبالنا هناك الأديب الفلسطينيّ رشاد أبو شاور الذي تحدث بعفويته المعهودة عن الوضع الفلسطيني الراهن وضرورة الحوار لئلا تهزم القضية ويهزم الشعب الفلسطيني.



رشاد أبو شاور



في اليوم الأخير، حللنا ضيوفا على النادي الأرثوذكسيّ، وكان في استقبالنا إدارة النادي، والأديب الفلسطيني الدكتور فيصل درّاج، والدكتور الفلسطيني عدنان الصغيّر.



في محاضرته تحت عنوان" معنى الثقافة الفلسطينية اليوم"، قال د.درّاج إنّ الثقافة الفلسطينية ارتبطت دائماً بالمشروع الوطني الفلسطيني، تصعب بصعوبته وتنهار بانهياره، وأشار إلى أن الثقافة الفلسطينية اليوم  متخلفة ومتراجعة عن كل التاريخ الثقافي الفلسطيني السابق، ربما يقال إن الفلسطينيين قد تقدموا لكنهم تقدموا بمعنى محو الأمية أو زيادة نسبة المتعلمين، أما تقدمهم بمعنى الإنتاج الثقافي فهو على صعيد الأفراد وليس النخب، وفي هذه الحال فإن الثقافة الفلسطينية اليوم في عام 2007 أبعد بكثير عما كانت عليه في مطلع القرن العشرين. وتحدث عن ثقافة المنفى، وثقافة المقاومة، الهوية القومية.



ثمّ أجاب عن أسئلة وتساؤلات المجموعة.



دراج



ثمّ تحدّث الدكتور عدنان الصغيّر، صديق الجمعيّة، معطيا نبذة عن حياته وعمله، وهو من الأكاديميين الفلسطينيّين الأوائل الذي عملوا في الأمم المتحدة منذ تأسيسها، وكان الدكتور الصغيّر بالنسبة لنا مثالا حيّا على العطاء والدعم، فالصناديق الداعمة، والأفراد الداعمون ليست ظاهرة غربيّة، فللعرب، أفرادا ومؤسّسات، تاريخ طويل في الدعم والتكافل.



وبعد تناولنا طعام الغداء في النادي الأرثوذكسي، توجهنا إلى الفندق، وعدنا إلى الوطن.



نشير إلى أنّ الأستاذ الشاعر حنا أبو حنا رئيس إدارة الجمعيّة كان يقدّم المحاضرين، أمّا الدكتور إلياس عطاالله الناشط في المجلس العام في الجمعيّة، فقدّم الدروع إلى المحاضرين والمضيفين باسم جمعيّة الثقافة العربيّة.



عمّان