رحلة طلابيّة عربيّة على ساحل الكرمل الساحر في ذكرى النكبة

شارك عشرات الطلّاب والطالبات الجامعيّين العرب، من مختلف المؤسّسات الأكاديميّة والبلدات العربيّة، السبت الماضي 19.05.2012، ببرنامج "رحلات إلى الجذور" الذي تنظّمه جمعيّة الثّقافة العربيّة سنويّا في ذكرى النكبة لزيارة القرى المهجّر أهلها وتعرّف تاريخها شاهدًا على النكبة والتهجير، وقد اختارت الجمعيّة هذا العام أن يكون مسار الرحلة في منطقة ساحل الكرمل وقرى المثلث الصغير إجزم-عين غزال-جبع.

 



رافق الطّلاب في رحلتهم المرشدَين عادل مهنا وناظم يونس، وبدأ مسارها عند أنقاض مسجد قرية صرفند المهدّم، المطلّ على البحر المتوسط، الذي منعت السلطات الإسرائيليّة ترميمه مؤخّرًا، وهدمت مئذنته بحجة أنّها تضايق هبوط المظليّين الذين أقاموا ناديهم قربه! وشرح المرشدان عن تهجير قرية صرفند في تموز 1948 إثر هجوم وقصف بحريّ.

قرب شاطئ قرية كفر لام، على تل قريب من صرفند، بدأ الطلّاب مسار المشي المحاذي للبحر لمدة ساعتين تقريبًا حتى وصلوا إلى آثار الطنطورة؛ مسار ساحر وجميل دلّت معالمه الجغرافيّة والعمرانيّة على عمقه الحضاريّ، لا سيّما حجارة أسوار وحيطان قلعتي كفر لام و"دور" التاريخيّتين، التي استمع الطّلاب عندها إلى شرح حول تاريخ الساحل الفلسطينيّ بالفترات والحقب المختلفة، وحول مجزرة الطنطورة التي ارتكبها "لواء ألكسندروني" الذي حاصر واحتلّ القرية في أيار 1948.



بعد استراحة الغداء في أحد كروم الزيتون القريبة، أكمل الطلّاب مسارهم في قرى المثلث الصغير، التي هجّر أهلها في أواسط تموز 1948 في هجوم عنيفٍ للقوات الصهيونيّة برّا وبحرًا وجوّا، بدءًا من قرية عين غزال، على سفوح الكرمل، حيث شرح المرشدان عن المقاومة الشديدة التي أبداها أهل عين غزال في المعركة، والتي ساهم موقعها الجغرافيّ الإستراتيجيّ في تعزيزها، وشرحا كذلك عن مقام الشيخ شحادة. بعد عين غزال توجّه الطّلاب إلى قرية إجزم ذات الأراضي الخصبة التي كانت مركزًا لقرى ساحل الكرمل، وشاهدوا هناك مبنى المدرسة وقصر الحاكم المحليّ مسعود الماضي، واستمعوا إلى شرح حول معاصر القرية وزراعتها. بعد إجزم توجّه الطّلاب إلى قرية جبع القريبة، وتوقفوا عند بقايا القرية من حطام بيوت ومقام الشيخ أمير ومقبرتي القرية.



وحول أثر الرحلة في الطلّاب، قال الطالب الجامعيّ قصيّ أبو الفول، من جتّ، "لقد تملّكني شعور بالفخر ونحن ننشد النشيد الوطنيّ على أنقاض مسجد صرفند، فبالفعل كنا نؤكد وجودنا وحقّنا في هذه الأماكن كلها، لكنني في ذات الوقت كنت حزينًا لأننا لا نملك حق التصرف فيها وإعادة بنائها، إنّها ليست زيارتي الأولى لساحل حيفا الرائع إلا أنّها الزيارة الوحيدة التي استقي فيها المعلومات بشكل مكثّف".  الطالب الجامعيّ أنطوان عبيد يوافق مع قصيّ: "لقد أضافت الرحلة لي معلومات جديدة لم أسمع بها من قبل، وأشعرتني بانتمائي المطلق للمكان، وفرحت جدّا عندما سمعت عن بطولة أهل الطنطورة ومقاومتهم العنيدة للعصابات الصهيونيّة، رغم أنها انتهت بالتهجير إثر المجازر".

أما الطالبة الجامعيّة بيروت حمّود فقالت: "اخترت خلال مسيرتنا على شاطئ الطنطورة - الذي طالما تخيّلته بساط ريح يطير إلى مكان بدون معالم محدّدة، عندما قرأت رواية "الطنطوريّة" للأديبة المصريّة رضوى عاشور- أن أسير حافية لأدوس حيث دارت المعارك بين أهل الطنطورة والعصابات الصهيونيّة لعلّ الرمل المبارك يحني باطن قدميّ بشجاعة أهله".



يذكر أن الطلّاب المشاركين في برنامج "رحلة إلى الجذور" هذا العام هم الطّلاب الحاصلون على منحة دراسيّة من جمعيّة الثّقافة العربيّة، بدعمٍ من مؤسّسة الجليل-لندن، بالإضافة إلى مرافقين ومرافقات من زملائهم. هذا، وشارك الطّلاب الحاصلون على المنح هذا العام أيضًا في عددٍ من البرامج والورش التثقيفيّة في مختلف المجالات العلميّة المناسبة لمجال دراستهم، حيث تمّ ربطه بالهويّة الثقافيّة العربيّة، مثل دورة الطبّ العربيّ لطّلاب المواضيع الطبيّة، ودورة العمارة والهويّة لطلّاب مواضيع الهندسة والعمارة والبيئة، ودورة إرشاد مخيّمات صيفيّة لطّلاب مواضيع التربية، بالإضافة إلى دورة في القيادة الشّابّة، وتدريب على رصد العنصريّة في الجامعات، وتطوعوا في مؤسّسات أهليّة عربيّة وفي أنشطة جمعيّة الثّقافة العربيّة، التي أعدّت هذه الأنشطة والورش كي تسهم في تعزيز هويتهم الثقافيّة وانتمائهم الوطنيّ وعطائهم لشعبهم ومجتمعهم.