جمعيّة الثّقافة العربية تحتفي بصدور كتاب "في نفي المنفى"


نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة، مساء الأربعاء 03/05/2017، ندوة تحت عنوان عزمي بشارة-المفكر والمثقّف والسياسيّ" وذلك احتفاءً بصدور كتاب "في نفي المنفى- حوار مع عزمي بشارة" للصحفيّ صقر أبو فخر، الصادر حديثًا عن المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر في بيروت، قدّم خلالها الباحث أنطون شلحت والدكتور محمود محارب مراجعتهما للكتاب بمحاوره المختلفة المتعلّقة بالمسيرة وإسهامات د. عزمي بشارة الفكريّة والسياسيّة، وأدارها الكاتب إياد برغوثي.  



في مداخلته، تحدّث الباحث أنطون شلحت عن عزمي بشارة كمثقف له مساهمات شديدة الغنى والتنوّع في قراءة الواقع العربيّ ونقده، تمسّك خلال مسيرته بالنواة الأخلاقية ولم يتخلى عن القيم والمبادئ التي ناضل من أجلها، ونوّه شلحت إلى أنّ بشارة أشار تكرارًا في الحوار إلى كون مشكلة الأخلاق تعتبر من المشكلات الرئيسة والملحة اليوم في المجتمعات العربية، وأنّ بشارة بات على قناعة أكثر بأن أهمّ ما يجب أن تعمل عليه الفلسفة اليوم هو علم الأخلاق. واعتبر شلحت أنّ مرحلة النضال الطالبيّ، الثانويّ والجامعيّ، هي من أهمّ المراحل وأكثرها أثرًا في سيرة عزمي بشارة وبداية بلورة مشروعه السياسيّ والفكريّ على حدٍ سواء، بالإضافة إلى أهمية مرحلة تأسيس حزب التجمّع الوطني الديمقراطي الذي جاء بخطاب سياسيّ وفكريّ جديد يتعلق بكينونة الفلسطينّيين في الداخل، إذ أكّد شلحت أنه بقدر ما شكّل هذا الخطاب سورًا منيعًا لحماية هوية هؤلاء الفلسطينيين من احتمال انهيار أخلاقيّ سياسيّ وتفكك لاح في إثر اتفاق أوسلو، بقدر ما كان المشروع الأكثر جرأة وتماسكًا في سياق تحدّي الصهيونيّة سياسيًا وفكريًا.



في مطلع كلمته، وقبل ولوجه لنقاش الكتاب وفحواه، أكّد الدكتور محمود محارب أنّه لم يحدث في تاريخ العرب الفلسطينيّين داخل الخط الأخضر أن تعرض شخص للتحريض المنهجيّ والمنظم للمؤسسة الإسرائيليّة وأجهزتها المختلفة وقضائها ووسائل إعلامها، تزامن معه تحريض من بعض خصومه السياسيّين، ولا تعرّض شخص لمحاولات قتل الشخصيّة، مثلما تعرض له عزمي بشارة، وقد ازداد هذه التحريض بعد اندلاع الثورات العربيّة التي وقف بشارة إلى جانبها وانضمت إليه عدة أجهزة دول عربيّة وأتباعها.



وأكّد د. محارب أن أهمية هذا الكتاب تنبع من تناوله عصارة تجربة بشارة الغزيرة والمتشعبة ومن متابعته بعين ثاقبة مساهمته المعرفيّة وانتاجه ونشاطه في مختلف الميادين الفكريّة والنضاليّة والبحثيّة والسياسيّة. وأيضا من إجاباته وتحديد وتوضيح مواقفه بالنسبة للكثير من الأسئلة التي طرحت. ومما لا شك فيه أن الكتاب يشكل مرجعًا مهما للقضايا الأساسيّة التي تهم وتشغل فكر الانسان في الوطن العربيّ عمومًا وفي فلسطين خصوصًا.



وأشار د. محارب إلى الخيط الجامع والأرضيّة التي ينطلق بشارة منها في فكره ومواقفه كما يظهر جليًا في فصول الكتاب هي تمسكه الثابت بالأخلاق وبإنسانيّة الإنسان وبالقيم الإنسانيّة العليا وفي مقدمتها الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعيّة والديمقراطيّة. كما تحدّث د. محارب عن تطور نظرة بشارة إلى القوميّة كيساريّ، وعن العروبة كانتماء ثقافيّ وحضاريّ عابر للطوائف والأنساب والأعراق، ذات بعدين، بعد انتمائيّ هوياتيّ وبعد آخر سياسي يتمثّل في السعي إلى السيادة في دولة، وبعد أن تقوم الدولة يمكن التطلع إلى بناء الأمة على أساس المواطنة الديمقراطيّة بغض النظر عن الانتماءات الإثنية أو القومية. كذلك، تحدّث د. محارب حول فصل "سوريا الجرح الراعف"، الذي يشرح فيه د. بشارة بموضوعية علاقته بالنظام في سورية والأسس التي قامت عليها، وفي مقدمتها دعم المقاومة والتصدي للاحتلال وللعدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينيّ والشعوب العربيّة، ومعرفته في طبيعة النظام القمعيّة، حيث يضعها بشارة في سياقها التاريخيّ الحقيقي ولم يسقط عليها إطلاقًا اختلافه العلنيّ مع النظام السوريّ عند انطلاق الثورة السوريّة ووقوفه بوضوح إلى جانبها. وتطرّق محارب إلى المشاريع الكثيرة المهمة التي بادر إليها د. بشارة ودوره الأساسيّ في إقامة حزب التجمع الوطني الديمقراطيّ وصياغة مشروعه القائم على التمسّك بالهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة والحقوق القوميّة والمدنيّة من ناحيّة والنافي ليهوديّة الدولة من ناحية أخرى والمطالِب بإزالة الاحتلال والاستيطان والمطالب بحق العودة.



وفي نهاية الندوة، جرى نقاش بين الحضور تركّز بالأساس حول أثر لعزمي بشارة في الوعي السياسيّ للفلسطينيّين في الداخل، من خلال مساهمته الفكريّة وعمله السياسيّ.