إطلاق كتاب "طفولة حزيران- دار الفتى العربي وأدب المأساة"


عقدت جمعية الثقافة العربية، بالتعاون مع مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، يوم الأربعاء الماضي 16/08/2017، في مقر الجمعية بحيفا، ندوة لإطلاق كتاب "طفولة حزيران، دار الفتى العربي وأدب المأساة" الصادر عن مؤسّسة تامر لمؤلفه الباحث د. إسماعيل ناشف.



تحدثت في الندوة رناد القبج، المديرة العامة لمؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في رام الله، عن المؤسسة وعن مشروع إصدار هذا الكتاب البحثي حول تجربة دار الفتى العربي، لأهميتها كتجربة عربية رائدة. كذلك قرأت القبّج إحدى قصص الدار للمشاركين



بدأ د. اسماعيل ناشف مداخلته في طرح ملاحظات عامة حول إشكالية أدب الأطفال والطفولة كمفهوم في سياق الفلسطينيين في الداخل، إذ لا يتمّ التعامل مع الأطفال كوحدة تاريخية بل كفئة عمرية بحاجة لمعالجة نفسية تربوية مرجعيتها الأكاديمية الإسرائيلية، والنظر للطفل "كشيء" تمارس عليه المعارف والنظريات التي يكتسبها العاملون في المجال من النظام الإسرائيلي دون أية قراءة نقدية، ما يؤدي إلى هندسة نفسية للطفل الفلسطيني بالداخل من خلال النظام الاستعماري الإسرائيلي وخطابه ومعارفه. واعتبر ناشف أنّ الاستثمار الكبير بمجال أدب الأطفال بالداخل هو ببساطة نتاج للتحالف بين الخطاب الاستعماري وبين قوى السوق الربحيّة.



وأكّد الباحث أهمية الخروج من السياق الاستعماري والبحث عن مرجعيات تاريخية عربية، ومن هنا تنبع أهمية تناول تجربة دار الفتى العربي، إذ أنّ النظام الاستعماري غير موجود فيها كمرجعية فكريةَ ومعرفيةَ لها، ولأنّها تثبت أن هناك إمكانية إنتاج معرفة مستقلة عن النظام الاستعماري.



وتحدّث د. إسماعيل عن إشكالية الطفولة كمعضلة غير قابلة للحل، وأنّ التحدي الأساس هو أن تبنى مسارات للطفولة والنشء بحيث لا تكون مجرد تكرار هزيل عن تجربة "الكبار"، وهذه قضية أساسية كانت موجودة عند مؤسسي دار الفتى العربي، وهي مجموعة مثقفين فلسطينيين وعرب، من مشارب يسارية، فهمت أنّه بعد الهزيمة يبقى الرهان على تنشئة الأجيال القادمة بطريقة حداثية.



خلال محاضرته، توسّع ناشف حول تجربة دار الفتى العربي أدبيًا وفنيًا، كبداية لمرحلة التأليف ضمن مراحل تطوّر مجال أدب الأطفال في العالم العربي الحديث، بعد مرحلة التعريب في القرن التاسع عشر ومرحلة الترجمة حتى أواسط القرن العشرين، واستعرض نماذج مختلفة من كتب الدار التي تناولت القصص من التراث الإنساني والعربي وكذلك الروايات العلميّة. وفي نهاية الندوة جرى نقاش بين الحضور ومؤلف الكتاب.



على هامش الندوة أقيم أيضًا معرض لأغلفة كتب دار الفتى العربي وعرضت بعض نسخ من إصداراته القيّمة. يذكر أنّ دار الفتى العربيّ أنشئت في العام 1974 بمبادرة من القسم التربوي في مركز التخطيط الفلسطيني المنبثق عن منظمة التحرير الفلسطينية، بعد إعداد أبحاث جماعية قام بها على مدى سنوات فريق من الخبراء والممارسين في حقل ثقافة الطفل والوسائل التربوية التعليمية والتنمية الاجتماعية. أصبحت خلال سنوات قليلة من انطلاقها في طليعة المؤسسات العربية العاملة في حقل أدب الأطفال، حيث أصدرت 187 إصدار للأطفال والفتيان، تميّزت بالابتكار والتجديد والمعاصرة، وساهم فيها كتّاب ورسامون بارزون من تلك الحقبة، مثل غسان كنفاني وزكريا تامر وصنع الله إبراهيم ومحيي الدين اللبّاد وكمال بلاّطة وآخرون كثر.