حيفا | أعلنت جمعيّة الثّقافة العربيّة، اليوم الجّمعة الموافق 31.01.2025، عن انطلاق الفوج الثامن عشر من برنامج منحة روضة بشارة-عطا الله، بدعم من مؤسّسة الجليل – لندن، للعام الدراسيّ 2024/2025. حيث استقبل البرنامج هذا العام 80 طالبًا وطالبة جُدد، قُبلت طلباتهم بعد انتهاء مرحلة التّسجيل، لينضموا إلى عائلة المنحة الّتي تواصل مرافقة الطلاب الفلسطينيّين في مسيرتهم الأكاديميّة منذ عام 2007 وانطلاقة الجمعيّة عام 1998.
يرفع البرنامج هذا العام شعار "رحلة أمل"، ليعكس الظروف الاستثنائيّة التي يمرّ بها الشعب الفلسطينيّ في كافة أماكن تواجده، حيث تأتي هذه الدورة في لحظة حاسمة تحمل معها تحديات أكاديميّة، سياسيّة، وإنسانيّة كبرى. يتزامن انطلاق البرنامج مع اقتراب الامتحانات الفصليّة في الجامعات والكليّات في البلاد، مما يعزّز أهمية الدّعم الذي توفره المنحة للطلاب خلال هذه الفترة، من خلال مسار معرفيّ احتوائيّ شامل، يهدف إلى تعزيز شعور الانتماء، تطوير القدرات الشخصيّة والمهنيّة، وتوفير الإرشاد اللازم للطلاب الجدد.
غياب الاحتفال الرسمي وتكريس الجهود لدعم الطلاب
في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء الشعب الفلسطينيّ، واستمرار الوضع الإنسانيّ المأساويّ في غزّة والضفة الغربيّة، إلى جانب تصاعد العنف في الدّاخل الفلسطينيّ وما يرافقه من تداعيات سياسيّة واجتماعيّة، قررت جمعيّة الثّقافة العربيّة الامتناع، وللعام الثاني على التوالي، عن إقامة احتفال رسميّ لإطلاق المنحة. إلا أن غياب الاحتفال لم يمنع من إطلاق البرنامج بفعاليّة تربويّة وتثقيفيّة هادفة، تعكس روح المنحة والتزامها بمرافقة الطلاب أكاديميًّا ومجتمعيًّا.
افتُتح البرنامج بمحاضرة قدّمها المحاضر الأكاديمي وخريج المنحة محمد زيداني، تحت عنوان "التحضير للحياة الأكاديمية"، والتي هدفت إلى تزويد الطلاب الجُدد بأدوات فعّالة للاستعداد لخوض أولى امتحاناتهم الجامعيّة بثقة واستقرار. تناولت المحاضرة محاور أساسية مثل استراتيجيّات دراسيّة ناجحة، إدارة الوقت، والتعامل مع التحدّيات الأكاديميّة، في محاولة لإعداد الطلاب لمرحلة دراسيّة ناجحة ومُثّمرة.
ولوحظ أنّ اللقاء لم يكن مجرد ورشة أكاديمية، بل تحوّل إلى مساحة نقاشيّة غنية وداعمة، حيث شارك الطلاب تجاربهم الشخصيّة حول العزلة، الغربة، والضغوطات التي يواجهونها داخل الجامعات الإسرائيليّة. كما تناولت النقاشات التحدّيات المُتزايدة التي يواجهها الطلاب الفلسطينيّون، في ظلّ تصاعد الملاحقات السياسيّة والتضييقات الأكاديميّة والاجتماعيّة في الحرم الأكاديميّ، والتي اشتدت حدّتها في الأشهر الأخيرة.
أكدت مركّزة المنحة، لورين كنعان، على أهمية هذا الدّعم في الظروف الراهنة، قائلة:
"إن أهمية دعم الطلاب في هذه السنة تحديدًا تنبع من التحدّيات التي مرّوا بها، خاصة بعد حملات المُلاحقة والتضيّيق التي تعرضوا لها في الجامعات الإسرائيليّة، في ظلّ الإبادة التي يعيشها شعبنا في غزّة. في هذا السياق، تبرز الجمعية كملاذ آمن لطلابنا، حيث توفر لهم بيئة داعمة تمكّنهم من مواجهة العزلة والغربة التي يعانون منها."
وأكملت: "برنامج منحة روضة بشارة-عطا الله لا يقتصر على الدّعم الماديّ فقط، بل يسعى إلى تعزيز الهوية الوطنيّة، بناء أدوات قياديّة، وغرس قيم العطاء والمسؤولية المجتمعيّة. على مدار الثلاثة أعوام، يشارك الطلاب في ورشات تثقيفيّة، مشاريع مجتمعيّة، وبرامج تمكينيّة، تهدف إلى تطوير تفكيرهم النقديّ وتعزيز دورهم في العمل المجتمعيّ، ليكونوا أفرادًا فاعلين في محيطهم، ومسؤولين عن مستقبلهم".
إن استمرار برنامج منحة روضة بشارة-عطا الله لا يقتصر على تقديم المنح الدراسيّة فقط، بل يتعدّاه إلى خلق مجتمع داعم ومتماسك، يؤمن بقوة المعرفة، الانتماء، والمسؤولية الجماعيّة. وبدعم من "الجليل – لندن"، يستمر البرنامج في تقديم فرص تعليميّة وتنمويّة لطلابنا، إيمانًا بأن كل رحلة تبدأ بخطوة، وكل طالب ينضم إلى عائلة المنحة هو جزء من مستقبل واعد، مليء بالإمكانات والأمل.
جدير بالذّكر أن برنامج المنح في جمعيّة الثّقافة العربيّة انطلق عام 2007 بدعم من مُؤسّسة الجليل – لندن.